أحداث بدون دلالة: حياة جديدة لفيلم الدرقاوي بعد سنوات النسيان والرقابة

بعد حوالي 45 سنة من تصويره، يعود فيلم “أحداث بدون دلالة” للمخرج مصطفي الدرقاوي للواجهة بعد اختياره ضمن برمجة خاصة ل”فوروم كوكبة من الأرشيف” لمهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته ال 69 في فبراير المقبل.

ويعيد هذا الاختيار، ضمن فقرة تسعى إلى اكتشاف أو إعادة اكتشاف بعض كلاسيكيات السينما العالمية، الاعتبار للفيلم الروائي الطويل الاول للمخرج مصطفى الدرقاوي حيث سيتم عرضه في نسخة جديدة ومرممة.

وتم تصوير الفيلم في الدار البيضاء عام 1974، لكنه تعرّض لمنع مزاجي حال دون عرضه أمام الجمهور والنقاد في أكثر من مناسبة. وقدم الفيلم في عروض خاصة وشبه سرية في كل من مهرجان تطوان للسينما المتوسطية في دورته الاولى سنة 1985، وفي مهرجان السينما الافريقية في خريبكة، حيث شاهده في المناسبتين قلة من المهتمين والنقاد السينمائيين المغاربة والفرنسيين، خاصة من مجلة دفاتر السينما وسينما أكسيون.

وظلّ الفيلم غير متوفر داخل المغرب لفترة طويلة باستثناء نسخة متهالكة  يتم يداولها بين المهتمين إلى ان تم العثور على نسخة سالبة من الفيلم في الخزانة السينمائية لكتالونيا “فيلموتيكا دي كاتالونيا”.

ويعود الفضل في هذا الاكتشاف ل “منصة المرصد للفنون والأبحاث” بالدار البيضاء التي سهرت على ترميم هذا العمل السينمائي المؤسس في الفيلموغرافيا المغربية ولإعطائه حياة جديدة.

وتمت عملية الترميم بشراكة بين شركة “فيلموتيكا دي كاتالونيا” و “لوبسيرفاتوار للفن والأبحاث” بالدار البيضاء، كما توضح هذه الاخيرة في بلاغ لها، وذلك تحت إشراف المخرج مصطفى الدرقاوي وعبد الكريم الدرقاوي، مدير تصوير الفيلم، وبتنسيق عام من ليا موران.

كما تكمن أهمية الفيلم في الظروف غير العادية التي رافقت تصويره بفضل “جهد جماعي لجيل كامل من الكوميديين، السينمائيين والموسيقيين والشعراء والتّشكيليين والكتّاب ممّا جعله يتغذّى من ثمرة اليوتوبيا الثقافية والاجتماعية والسياسية لمغرب السبعينات، ويضطلع بقيمة سينمائية ووثائقية فريدة من نوعها،” كما يشرح بلاغ المرصد المشرف على عملية الترميم.

ف شريط 16 مم، الّذي تمّ ترميمه بعناية من قبل فريق فيلموتيكا دي كاتالونيا، “يعيد لنا بقوّة وجوه، حركات، نقاشات وأماكن الدار البيضاء الشّعبية والحيّة. أجواء الشّوارع والمقاهي والحانات والعمل بالميناء في السبعينات،” يضيف البلاغ.

ولا تخفي منصة “المرصد” اليوم افتخارها بهذا العمل المتواصل منذ سنة 2016 وهي ترى تتويجه اليوم بالعرض الأول المرتقب في المهرجان الدولي المرموق في برلين، ثمّ برامج عروض أخرى مقرّرة في المغرب ودول أخرى، بالإضافة لمؤلّف ومعرض خاصّين حول الفيلم سيتم تنظيمها قريبا.

ويندرج هذا العمل، حسب المرصد، في مجال الحفظ داخل مشروع أوسع يهدف إلى توفير توزيع أفضل ومعرفة أكبر بالتّراث السينمائي المغربي من خلال ترميم وتوزيع الأفلام، وكذلك وثائق وملصقات وصور ومذكّرات تهمّ تاريخ السينما الوطنية.

ويقول المشرفون على هذا المشروع أن هذا الاختيار لفيلم أنجزه مصطفى الدرقاوي في 1974 يؤكد المكانة التي تحتلها السينما المغربية والتجارب الرائدة للمخرجين السينمائيين المغاربة في الستينيات والسبعينيات، في تاريخ السينما العالمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

X