يعود هذا العام المخرج الكاميروني جون ماري تينو إلى أيام قرطاج السينمائية بفيلم وثائقي طويل ضمن المسابقة الرسمية ليأخذنا هذه المرة في رحلة عجيبة إلى دولة غانا.
هي بالأحرى عودة إلى جذور الثقافة الافريقية من خلال حكاية طريفة لسيدة غانية تعمل كأستاذة جامعية في الولايات المتحدة الامريكية عندما تقرر العودة إلى بلدها الأصلي غانا ليتم تتويجها ملكة وتجلس على العرش الذي ورثته عن أجدادها.
لتقاليد الملوكية في افريقيا نواميس خاصة وهي أشد حضورا في دولة غانا الواقعة في منطقة افريقيا الغربية. وتتلقى نانا أنسوما الأستاذة الجامعية في أمريكا اتصالات من أهلها تعرض عليها تولى منصب الملكة بوصفها تنتمي للسلالة الملكية. تتردد كثيرا لكونها انقطعت عن بلدها منذ أكثر من ثلاثين عاما، ولكنها تقرر في النهاية الاستجابة لنداء التقاليد والعودة إلى بلدها لتتوج في هذا المنصب التقليدي الهام لدى قبائل وشعوب المنطقة. يرافق المخرج جون ماري تينو هذه الرحلة نحو الموطن الأصلي ويقرر تصوير احتفالات تنصيب الملكة الجديدة لتكون النتيجة هذا الفيلم التسجيلي المتفرد في شكل بورتريه لشخصية نانا أنسوما، ومن خلالها للعائلة بأسرها.
طقوس ضاربة في القدم تعود بنا إلى أعماق التاريخ المجهول للقارة السوداء. شعائر دينية وتقديم قرابين نرى من خلالها هذه المرأة الشاعرة والأستاذة الجامعية الأنيقة تتحول شيئا فشيئا إلى زعيمة على الطريقة القديمة للقبائل الافريقية. ولكن الفيلم ليس مجرد تصوير لهذه العادات والتقاليد القديمة وانما محاولة للغوص في هذا الإرث الضارب في القدم. ارث لا يزال حاضرا بقوة حتى لدى الأجيال الجديدة للقرن الواحد والعشرين وحتى أولئك الذين غادروا إفريقيا منذ سنين واختاروا العيش والعمل في الولايات المتحدة الأمريكية.
غير أن الفيلم لفرط ما حاول صاحبه الإمساك بكل أطراف الظاهرة وأبعادها يغرق في بعض الأحيان في تفاصيل لا علاقة لها أساسا بموضوعه الرئيسي. ويصبح نوعا من التطويل الممل والتسجيل الاعتباطي للحياة اليومية لشخصياته حتى لو كانت حياتهم عادية مثل كل البشر. وهو أمر مستغرب إلى حد ما من مخرج اختص منذ ثلاثة عقود في إخراج الأفلالم الوثائقية، حيث قدم أكثر من اثني عشر فيلما تسجيليا طويلا.
محرز القروي
ناقد تونسي مقيم في الكوت ديفوار